قلب الأسد Admin
عدد الرسائل : 181 : تاريخ التسجيل : 20/08/2008
| موضوع: هل يلزمنا الدم لنتوحد؟؟؟؟ الأحد يناير 25, 2009 10:02 am | |
| هل يلزمنا الدم حتى نتوحد
بقلم: جمانة الجعبري
إن شلال الدم الذي تفجر في غزة هاشم لا يعدو كونه انعكاساً جريئاً صريحاً للأضواء الخضراء التي تلقاها العدو الصهيوني لضرب المقاومة والمساعدة في اجتثاثها، تحت ذريعة إيقاف صواريخ المقاومة الإسلامية التي نعتها البعض بالعبثية والبعض الآخر نعتها بالمواسير الصدئة وأكوام الخردة، لربما لا تمثل هذه الأسلحة مقابل آلة الحرب الصهيونية - في عرف أهل المادة- أكثر من كفٍ تعاند مخرز، ولكنها في عرف أهلها قوة ممانعة جبارة أجبرت العدو على الرضوخ لمتطلباتها والدخول إلى جحورهم الإسمنتية كلما لاحت في الأفق بوارق غارة محتملة، هي في عرف المجاهدين أغلى ما يملكون تعدل الروح والحياة؛ فهي تحمل أسمى معاني الثبات والمقاومة.
وفي الوقت الذي كانت فيه غزة تنزف بكل غزارة سمعنا بغرابة تلك العبارات المنمقة التي خرجت من حناجر أرهقتها كثرة الضحك شماتة وفرحاً في أحيان كثيرة لتقول لقد وحدَنا الدم وجمعتنا الجراح النازفة فكلنا أبناء وطن واحد، لست ضد الوحدة ولكن ضد هذا المبدأ الذي يواسي فيه الذئب الغزال في لحظة ضعف يرجو من ورائها التمكن من رقبته دون مقاومة، أين كان هذا الحب وهذا الاتحاد الروحي والوجداني طيلة فترة الحصار الذي كان يخنق غزة ويقتل مرضاها ويجوع أطفالها ويحولها إلى مستنقعٍ للفقر والمرض والظلام.
هل نحن فعلاً بحاجة لشلال الدم المتدفق هذا ولكل هذه الأشلاء وهذا الدمار والركام حتى نتوحد... وحتى تدعي بعض الأطراف بأنها لا زالت في حظيرة المواطنة وأنها لا زالت تؤمن بخيار المقاومة ولكن هيهات؛ فمن خلع عن نفسه رداء الكرامة والشرف ورضي بالتبعية والتطبيع والتفاوض على الدم والأرض والثوابت من الصعب أن يُقبل ادعاؤه أو أن يستقبل استقبال العائدين، كيف هذا وله بصمة بيع وتطبيع وبسمة رضا مع كل قطرة دم سالت، كيف يستقبل من وجه الحراب إلى صدور إخوانه –إن جاز التعبير- وساهم في ضرب الحصار وتشديده.
والأدهى من ذلك والأغرب أن يفتح معبر رفح بكل بساطة وخلال وقت قصير ... أترى مفتاحه كان ضائعاً أم أن حارسه كان نائماً لا يسمع صرخات الاستنجاد من الجانب الآخر ولم يصحوا إلا على وقع الدم يلطخ وجهه وسمعته معاً.
اشربوا نخبكم بفرح:
ليس من ديننا ولا من ثقافتنا ولا من عرفنا طرق الكؤوس وشرب الأنخاب ولكننا نخاطبكم بثقافتكم وفهمكم، فطالما شربتم نخب عمالتكم وتطبيعكم وصمتكم وطالما رقصتم على جراحنا وزرعتم الشوك في دروبنا حفاظاً على مصالح أسيادكم وطمعاً بفتات تلتقطونه من على موائدهم، وطالما أبدعتم في تأدية دور النعام في ساحاتهم وحاولتم جاهدين الاستئساد في ساحاتنا وفي النهاية بقيتم على الهامش لا إليهم ولا إلينا، اشربوا النخب وافرحوا واطرقوا الكؤوس واهتفوا عاش التطبيع وعاشت المفاوضات وعاش كل جامعي الفتات، اشربوا نخب انتصارهم المزعوم فقد اتخذوا قرار ضرب عزة العرب والمسلمين من كنانة العرب وتمت المصادقة عليه بصمت مألوف وذل معروف... هذا هو الوضع باختصار يا سادة مقاتلات العدو أدمت قلوبنا بعد أن أخذت الإذن الصامت من العذراء العربية الحيية عملاً بالقاعدة التي تقول "وإذنها أن تصمت".
وستبقى حماس:لربما يعتقد قادة الكيان الصهيوني -وبعض مواليهم - أنهم قد حققوا نصراً عسكرياً مؤزراً وأنهم استطاعوا كسر شوكة حماس بهذه الضربات القاسمة التي قد تكون الأعنف في تاريخهم الإجرامي، ولكن القارئ للتاريخ والمتفحص لأحوال حركات التحرر والاستبداد يلاحظ بكل وضوح ارتفاع راية الأحرار واستمرار وجودهم خصوصاً تلك الحركات الربانية الموحدة؛ وها هو الإسلام لا زال موجوداً ينمو يوماً بعد يوم وتتسع دائرة انتشاره برغم الضربات التي وجهت إليه على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان وما حماس وشبيهاتها إلاً فرعاً طيباً من شجرة طيبة، فرعاً سيبقى في نموٍ وارتفاعٍ وارتقاء طالما بقي موصولاً بالواحد الأحد، طالما بقي يعرف الفرق بين الحق والباطل وطالما بقي يحاول جسر الهوة العميقة التي نشأت منذ أيام قابيل وهابيل مطبقاً قوله تعالى " لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك" ومع ذلك لا يفرطون بحق ولا يتنازلون عن ثابت مقابل حق الأخوة غير المعصومة من الخطأ والزلل والتصيد في الماء العكر، حماس ستبقى وستمضي على أثر تلك الجراح نحو العلياء ولن تكون تلك الدماء والأشلاء إلا نبراساً يزيدها إصراراً وثباتاً على المضي قدماً في طريق النصر والتمكين. | |
|